عُرف بأسلوبه الخاص وبقي محافظاً على ولعه بجمالية الصورة، وضرورة توافقها مع مضمونها الدرامي، وخلال 25 عاما أنجز عدداً كبيراً من المسلسلات والأفلام، تعرّض بعضها لمنع العرض حيناً، ومن العرض المحدود أحياناً، نظراً لطبيعة موضوعاتها.

باسل الخطيب مخرج تلفزيوني وسينمائي سوري، من أصل فلسطيني، ينتمي لعائلة عريقة، فهو إبن الشاعر الفلسطيني الراحل يوسف الخطيب، وابن السيدة بهاء الريس، إبنة رئيس بلدية غزة الراحل منير الريس، وشقيقة الأديب الراحل ناهض الريس.

ولد في مدينة هلفرسوم بهولندا عام 1962، ودرس الابتدائية في معهد الحرية بدمشق، ثم حصل على الشهادة الثانوية في مدرسة إبن خلدون عام 1980، ودرس لمدة عام واحد في قسم الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق، قبل أن يغادر إلى موسكو في روسيا، ليدرس الإخراج السينمائي والتلفزيوني، في المعهد العالي للسينما (فغيك)، تحت إشراف المخرج الكسندر زغوريدي، وليتخرج منه في نهاية عام 1987.

هو الشقيق التوأم للمهندس بادي الخطيب (1962)، الموظف في الأمم المتحدة في فيينا، وشقيق الدكتور وضاح الخطيب والمؤلف تليد الخطيب (1979) وطبيبة الأسنان أسيل الخطيب (1970) والكاتبة هديل الخطيب (1977) وأندى الخطيب (1985)، الحاصلة على درجة ماجستير في إدارة الأعمال.

أعمال كثيرة جعلته علامة فارقة في عالم الإبداع السينمائي والتلفزيوني، ووصلت أفلامه إلى كثير من الدول العربية والأجنبية، عاكساً كثيراً من آلام وآمال الشعب السوري وقضية "فلسطين"، فلم ينس قضيته وأحلامه تجاه تلك الأرض المقدسة، فدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة في أعماله العديدة، وقد كان أول مخرج عربي تُقام تظاهرة لأفلامه لمدة أسبوع كامل في أستراليا.

الفرخ العوام

إنفرد باسل الخطيب بصفة الفرخ العوام، لذلك يحق للشاعر الراحل يوسف الخطيب أن يفرح بنجاح البيئة المنزلية التي أنشأها، بالتعاون مع رفيقة عمره في تفجير موهبة إبنه باسل، الذي ورث من أبيه بذرة الفن والأعصاب المشتعلة.

درس السينما في البلاد التي كان إسمها الإتحاد السوفيتي، ولفت أنظار أساتذته بقوة إلى فيلمه السينمائي القصير "اللعنة"، الذي كان مشروع التخرج، وقد إختار أن يركب أصعب المراكب، فهو لم يلجأ إلى مدرسة الواقعية الإشتراكية، بشروطها التقليدية التي يشجع عليها بلد التخرج، بل إهتم بمدرسة اندريه تاركوفسكي، أحد ألمع المخرجين السينمائيين المعاصرين، وأكثرهم تفرداً في السينما الروسية والعالمية.

وكان أول ما قام به بعد تخرجه، هو نشر كتاب عن تاركوفسكي (السينما والحياة) مع مقدمة مكثفة تشرح إختياره لهذا المخرج الكبير، الذي يسمح للمطر أن يهطل من السقف في غرفة مغلقة، تبعه بترجمة كتاب (المصباح السحري)، السيرة الذاتية للمخرج انغمار برغمان.

حين عاد إلى دمشق فوجئ بكل ما يُحبط شاباً مثقفاً مسلحاً بشهادة أكاديمية وموهبة حارقة، فالسينما صناعة ثقيلة، لهذا كان يبحث ويشاهد ويسأل، وخلال هذه الفترة كتب روايته (أحلام الغرس المقدس)ن التي فازت بجائزة الدكتورة سعاد الصباح، والرواية توثق لمصير عائلة فلسطينية خلال سنوات النكبة والنكسة، بالإضافة إلى كتابة مجموعة سيناريوهات تحققت لاحقاً في باكورة أعماله، مثل فيلم (الرؤية الأخيرة) ومسلسل (الخريف).

أعمال مثيرة للجدل

إرتبط اسم باسل الخطيب بأعمال أثارت جدلاً واسعاً، وتعرضت لمصائر مؤلمة مثل مسلسل (الطويبي)، الذي منع من العرض في سوريا، وكذلك مسلسل (نداء المتوسط) الإنتاج الضخم للتلفزيون السوري، الذي يحاكي حضارة أوغاريت العريقة، والذي تم إيقافه بعد إنجاز نصف العمل نتيجة بعض الوشايات المغرضة آنذاك، وأيضاً مسلسل (أسد الجزيرة)، الذي كان من أضخم الإنتاجات الخليجية، ويروي سيرة مؤسس دولة الكويت الشيخ مبارك الصباح. لكن، في اللحظة الأخيرة، تدخلت جهات معينة من خارج الكويت، وطالبت بإيقاف المسلسل خشية إثارة حساسية بعض الأطراف.

أما فيلم (موكب الإباء) الذي يروي قصة سبي السيدة زينب والرحلة من الكوفة إلى دمشق، فلم يعرض نظراً لطبيعة الظرف السياسي الراهن عام 2006، وتم تسريبه لاحقاً عبر الإنترنت، أسوة بأعمال أخرى لم تجد طريقها للعرض على القنوات الفضائية.

السير الذاتية

يُعرف عن باسل الخطيب ميله إلى تقديم أعمال السير الذاتية، إيماناً منه بأن الجمهور يتعطش دائماً لهذا النوع من الأعمال، خصوصاً إذا كانت تحاكي شخصيات لا تزال ماثلة في الوجدان والذاكرة، وتكمن أهمية هذه الأعمال في أنها تسلط الضوء على كثير من التفاصيل الشخصية والحياتية لهذه الشخصيات، وفي الوقت تفسه تتحدث عن الزمن الذي عاشته والأحداث التي تأثرت بها وأثرت فيها، كان أهمها مسلسلات (نزار قباني) و(بلقيس) و(ناصر)، الذي يعتبره الكثيرون أفضل عمل درامي حتى الان، جسد شخصية الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

أعماله الدرامية

قدّم باسل الخطيب عدداً من المسلسلات السورية المتميزة، إبتدأها بثلاثة أفلام تلفزيونية من عام 1992، ليتابع تميزه وتمايزه عن الآخرين، بإخراجه لأعمال خالدة ظلت راسخة في ذاكرة الدراما السورية والعربية، ومنها (الخريف) عام 1994، (يوم بيوم) عام 1995، (أيام الغضب) عام 1996، (هوى بحري) عام 1997، (الطويبي) عام 1998، (جواد الليل) عام 1999، (نساء صغيرات) عام 2000، (ذي قار) عام 2001، (هولاكو) و(حنين ) عام 2002، (أبو زيد الهلالي) و(أنشودة المطر) عام 2003، (عائد إلى حيفا ) و(عياش) عام 2004، (نزار قباني) عام 2005 ، (أسد الجزيزة) و(غلطة عمر) عام 2006، (رسائل الحب والحرب) عام 2007، (ناصر) 2008، (بلقيس) و(أدهم الشرقاوي) عام 2009، (أنا القدس) عام 2010، (الغالبون) و (حبيبة) عام 2011، (حدث في دمشق) عام 2013، (حرائر) عام 2015، (حارس القدس) عام 2020.

في السينما

برع باسل الخطيب في السينما وأصبح أبرز مخرجي الفن السابع في سوريا والعالم العربي، حاصداً الجوائز تلو الأخرى، ومقدماً للسينما السورية أفلاماً هي الأفضل والأكثر جماهيري، خلال الألفية الثانية من القرن الحادي والعشرين، ويعتبر فيلمه (مريم) نقطة تحول في السينما السورية خلال العقد المنصرم.

أخرج للسينما 7 أفلام قصيرة، و8 أفلام روائية طويلة، ومن العوامل التي أسهمت في جعل إسمه وأعماله السينمائية محط ثقة لدى الجمهور والنقاد، سنوات دراسته للإخراج السينمائي في روسيا، فقد كانت سنوات غنية بالتجارب وإكتساب أنواع مختلفة من المعارف، شاهد خلالها عدداً كبيراً من الأفلام السينمائية، وإطّلع على الأدب العالمي، ودرس الموسيقى والفن التشكيلي، وإلتقى أناساً لديهم تاريخ وخبرة أفادوه كثيراً، إضافة إلى الجو الأسري الذي نشأ فيه والمفعم بعالم من الكتب والحوارات، التي لا تنتهي.

ورغم أنه يدين للدراما التلفزيونية لأنها حققت له الإنتشار ومكنته لاحقاً من خوض تجربته السينمائية، إلا أن السينما هي عشقه الأول والأخير، وإنجاز فيلم سينمائي بالنسبة له تجربة حياتية وفنية لا مثيل لها.

ومن أفلامه نذكر (الرسالة الأخيرة) عام 2000، (موكب الإباء) عام 2005، (مريم) عام 2012، (الأم) و(سوريون) عام 2014، و( الأب ) عام 2016، (الإعتراف) عام 2017، (دمشق حلب) عام 2018، علماً أنه كتب معظم سيناريوهات هذه الأفلام بنفسه، وشاركه بالبعض الأخر إبنه مجيد وشقيقه تليد، بالإضافة لإخراجه للفيلم التاريخي الكبير (بن باديس) عام 2016 في الجزائر، بتكليف من وزير الثقافة الجزائري آنذاك الأديب والشاعر عز الدين ميهوبي.

وخلال هذه الأفلام نجح باسل الخطيب في إعادة نجوم سوريا إلى السينما مجدداً بعد غياب، ومنهم دريد لحام وأيمن زيدان ورفيق سبيعي وصباح الجزائري وسلمى المصري وغسان مسعود، كما كان سبباً في تألّق نجوم آخرين كثر.

زواج

باسل الخطيب متزوج من الكاتبة والصحفية ديانا جبور، التي تبوأت سابقاً منصب مدير التلفزيون السوري، ولاحقاً أسّست المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وأدراتها لبضع سنوات كما ساهمت في رفد الدراما السورية بعدد من الأعمال اللافتة، وتشغل حالياً مديرة إحدى شركات الإنتاج في سوريا.

ولهما ابن وحيد اسمه "مجيد" من مواليد عام 1995، أنهى دراسة الإخراج السينمائي في الولايات المتحدة الأميركية.

معلومات قد لا تعرفونها عن باسل الخطيب

مع بداية الحرب في سوريا تعرض للتهديد من المجموعات الإرهابية، ورفض الكثير من العروض المغرية للرحيل عن سوريا والإقامة خارجها، وأصر على البقاء مع أسرته فيها.

يرى أنه ينتمي إلى فلسطين وسوريا، وبالنهاية هم وطن واحد وشعب واحد ومصير واحد.

يرى أن الشغف والولاء المطلق للعمل، هما أحد أهم أسباب النجاح.

في شرفة منزله شتلة زيتون أحضرها من غزة، خلال زيارة وحيدة وسريعة وهو دائم العناية بها، وهي ركنه المفضل في المنزل، وأحياناً يحدثها ويتذكر كيف أتى بها، كما إشترى لها حوضاً جديداً كونها كبرت وتمددت.

يُقدّس الحياة الأسرية ويعشق الرياضة ويقضي أوقات فراغه في ممارستها، ومشاهدة الأفلام السينمائية.